Sunday, 3 March 2024

من محاولة التنظيم إلى حب الفوضى

 عشت قدر كبير من حياتي بحاول اكون زول منظم، بزول منظم بقصد التنظيم الكلاسيكي بتاع انو دولابك يكون معمول بالمسطرة، ما عندك هدوم مجدعة في السرير، هدومك دايما مكوية وقاعدة في حتتها، وهكذا فيما يتعلق بتنظيم الأمكنة. 

الأمر ينطبق حتى على تنظيم الكراسات والكتب أيام المدرسة، مفروض ما تشخبت في الكتاب وتوسخ الحاجات. انا كنت النوع الكتبه بتفقد اغلفتها بعد شهر من بداية العالم الدراسي بالكتير.

المهم كنت دايما بحاول أكون الزول دا، الطالب المثالي الكل حاجاته مرتبة، ولحدي عهد قريب كنت لمن اجي داخل واشوف الجوطة اكتر من إني متضايق من الجوطة بكون متضايق من فكرة إنيش لييه حاجاتي ما مرتبة بالشكل الذي يجب ان تكون عليه ودا أمر يمثل سبب ضغط نفسي لا معنى له. ما قدرت اتخلص من الحاجة دي لحدي ما بديت رحلة علاج ADHD وبديت اشوف شنو هي السلوكيات الممكن تخليك تقدر تتعامل مع النوع دا من الاعتلال العقلي (محاولة بائسة لترجمة mental disorder ). لحدي ما لقيت صاحبنا كدا طبيب نفساني ومصاب بنفس الاعتلال* بتكلم عن انو الحاجة دي قد يكون أصلها المدرسة (والبيت بطبيعة الحال). إننا بنحاول دايما نكون ممتازين في الحاجات اللي نحن كعبين فيها من غير ما نخت إعتبار لكمية المجهود المحتاجين نبذله قصاد الفايدة، ومن غير ما نسائل زاتو الفايدة شنو أساسا. طبعا في ناس فكرة التنظيم بالنسبة ليهم بديهية وأسهل ما يمكن ومركبة في نظامهم الطبيعي فما محتاجين يفكروا فيها أصلا فديل ممكن ينزلوا هنا، لو ما نزلوا لسة هههه. اذا استمروا فاتمنى انو يقدروا يتفهموا اني دي ما حاجة بالسهولة والبداهة الانتو متخيلنها لحقيقة بسيطة شديد، انو مخنا ما واحد بس 😂.

المهم نرجع لموضوعنا، التنظيم فيما أرى عنده تلاتة فوائد: انك تقدر تلقى حاجاتك بسهولة، عامل جمالي جاي من ختة الحاجات مع بعض والتماثل في الأشكال والألوان والأحجام وغيرها، وعامل تالت غبي في انو الناس يقولوا عنك يا سلاااام فلان منظم أو العكس يا للبؤس بالله شوف الجوطة دي. 

أنا شخصيا متنازل عن العامل الجمالي وبفضل الحصول عليه بطرق اخرى (الموسيقى قصرت معاكم في شنو هههه)، بينما عامل راي الناس في طريقة تنظيمك لحاجاتك دي حاجة لحظة تفكر فيها بوضوح براك بتصل لتفافهتها وانها لا تستحق عناء المجهود أصلا. هي متفهمة في حالة واحدة فقط: انو في مكان ما مشترك (سكن مثلا) وفي الحالة دي من الافضل لمن هم مثلي ان يبحثوا عن شركاء ليست لديهم مشاكل مع هذا النوع من الفوضى (في حدود المعقول طبعا)، او ضيف ح يجيك في مواعيد محددة سلفا فدا ربما من التأدب انو تنظم ليهو المكان الح يكون موجود فيهو (في حدود المعقول أيضا)، اذا ضيف ح يجي راندوم فدا يا اما يتقبل 

الوضع ال ح يجي فيهو يا إما ….

المهم نركز على الهدف الأساسي: تسهيل البحث. يعني ببساطة لمن تكون عايز تلبس قميص معين مثلا تقدر تعرف مكانه بسرعة وهكذا. عشان نحقق الهدف دا لحسن الحظ ما بنحتاج لقدر الكبير من الترتيب والتماثل خاصة اذا قررنا أن ندفع ثمنا بسيطا في زيادة وقت البحث. لا أظن ان العالم سيتأثر اذا وجدت قميصك بعد ٥ دقائق بدلا عن ثلاثة ثواني. فقط سدد وقارب. قواعد بسيطة هنا وهناك زي انو مثلا درج كبير لكل الأدوات الكهربية، مكان موحد للصوتيات، درج للأدوية وهكذا. فهنا المشكلة بتتحول من تنظيم وترتيب مطلق لتنظيم يخدم الغرض. 

كزول مصاب بال ADHD برضو ما من السهولة الالتزام حتى بالقواعد البسيطة دي، فمهم جدا التسامح مع نفسك واعطائها حرية كسر القواعد من وقت لآخر حتى تصل الفوضى حد لا يمكنك التعايش معه (بتعريفك الخاص) فتقوم باعادة تطبيق القواعد وهكذا. خلينا نسميها "هيجات التنظيم". مع الزمن ح تبدا تكتشف طرق مختصرة تسهل عليك تضمين القواعد في روتينك اليومي. مثلا تحويل الأدوية الى درج مفتوح ومتاح يجعل من السهولة اعادتها الى مكانها مباشرة بعد الاستعمال بدلا عن وضعها كيفما يتفق . 

مما ساعدني في هذا النظر إلى الفوضى على أنها دليل حياة وإنك بتستعمل الحاجات فعلا مش جايبها منظر. الكتاب المجدوع في نص السرير يعني إنك قريت منه جزء، المفك على طاولة المكتب إشارة على إنك بتصلح أجهزتك بنفسك، الأقلام الموزعة في كل مكان دليل على نشاط مخك في محاولة إيجاد حل للمعضلة التي تواجهها في العمل وهكذا. الوعي بالجزء دا من الفوضى بخليك متسامح مع الحالة المؤقتة من الفوضى والتي ستتحول الى "تنظيم فعال" متى ما زادت عن حدها. الحياة هي موجات ما بين النظام الكامل والفوضى المزعجة والحكمة هي حفظ المكان في نقطة ما في المنتصف مريحة بالنسبة لك لأقصى مدة من الزمن ومع أقل قدر من المجهود. 

No comments:

Post a Comment