Saturday, 23 March 2024

عام من الأدشدة - 1

 المصطلح هو تعريب تصريفي جميل لمصطلح "اضطراب فرط الحركة وقلة التركيز الشهير بال
ADHD
سمعت هذا التصريف من أحد الأصدقاء مؤخرا واعجبني فسأتبناه للتعببر عن هذا المعنى من الآن فصاعدا. وبالمناسبة هي صديقة ولكني استعملت كلمة صديق هنا قصدا في محاولة لمقاومة إجبار العربية على التصريح بجنس الصديق. يبدو أن هذا اختلافا حوهريا بين لغات البشر تعبر عنه المقولة الشهيرة
Languages differ essentially in what they must convey and not in what they may convey

والتي طالبت السيد جات جي بي تي بترجمتها بطريقة أدبية فلم يفشل في ابهاري كعادته:
"تتباين اللغات في جوهر ما يتوجب عليها بثّه، لا في فسحة ما قد تحمله من معانٍ.". لابد أن اسجل اعجابي الخاص بالشدة في "بثه" والتصريف آخر الجملة.
لحظة هذا المقال كان يجب أن يكون عن رحلتي العلاجية فما العلاقة؟ تبا ههههه لكن لا بأس دعني أواصل فنحن لا نكتب في
تقرير رسمي على أية حال.
أول فكرة خطرت بذهني عن بداية الرحلة هي قراءة كتاب جميل جدا ساحكي عنه بالتفصيل لاحقا بعنوان
Taking charge of your adult ADHD by  Russell Barkley


الكتاب عظيم بكل ما تعنى الكلمة من معنى والكاتب من الآباء الروحيين للمجال ممن قضوا حياتهم تنقيبا وبحثا ونشرا للتوعية بكل ما تحمل الكلمة من معنى. لكن في حقيقة الأمر لا أعتقد ان البداية الحقيقية كانت من هنا. هذه ربما كانت اقوى نقطة بداية يمكن للمرء أن ينذكرها ويربطها بما توصل اليه حاليا ولكن هناك الكثير والكثير من الإشارات التي حدثت هنا وهناك قبل ذلك. مثلا صديق مشخص رسميا بالمرض ظل كثيرا ما يحدثني عن معاناته مع الأعراض وكيف أن الأدشدة علة حقيقية معطلة للحياة. تكاد تكون كل ردودي له ما هي المشكلة هنا أنا لا افهم؟ هذا أمر عادي واعتقد أنه عند البشر. كلنا بنعمل كدا ياخي. اي صح لكن دي ما حاسي بيها حاجة غريبة. اقول هذا ليس بالطريقة المايعة التي يستعملها اغلبنا في سياق المصلحات غير المضبوطة. على سبيل المثال: أنا ما بقدر اركز في الشغل فترة طويلة. تكاد تكون اجابات كل البشر على الإطلاق على سؤال كذا بنعم. كلنا ما بنركز لكن بس بنحتاج شوية عصرة والأمور بتمشي. لكن هو سؤال كمي أكثر منه نوعي. لأي درجة ما بتقدر تركز؟ كم فكرة مختلفة بتنط في راسك بين كل سطرين بتقراهم في الكود وقدر ما تحاول تمنعهم برجعوا تاني وتالت غصبا عنك؟ كم ساعة في اليوم وكم يوم في الاسبوع. في طبيب نفسي تاني كاتب كتاب جميل في نفس الموضوع* عنده تشبيه جميل هنا: الأدشدة زي ضعف النظر والعلاج زي النظارات. ممكن نسقط فكرتنا على المثال هنا باننا نقول اغلب البشر ما بقدروا يقروا الكتب الخطها صغير شديد او بتعبوا لمن يحاولوا يعملوا كدا، لكن صاحبنا دا مشكلته في قراية الكتب العادية الساهلة المريحة للعين. المهم يبدو ان مشيت تاني في اتجاه غير الكنت ناوي اتكلم عنه وهو قصتي الشخصية في العلاج ويا لسخرية القدر هو أمر جوهري في تعريف الأدشدة ههههه فحاول اقول فكرة على الاقل قبل ما افتر وانهي البوست ههههه.
بديت كتاب بيركلي على استحياء بعد حضور عدد لا بأس به من محاضرات الرجل على اليوتيوب وهي محاضرات شيقة وجميلة جدا، وبهذه المناسبة الأدشدة من المناطق التي يمكن ربطها بقدر كبير من الكلام الفارغ وخرافات أهل التنمية البشرية والمتحدثين التحفييزين واهل الخطابة بلا خطاب، فعليه من يرغب بالتعمق في الموضوع يجب عليه توخي الحذر ممن يأخذ معلوماته. في هذا المضمار لا يفوتني الاشارة إلى أن بيركلي رجل مرجعية وباحث ضليع يمكنك ان تبدأ معه بثقة. يمكنك مشاهدة بعض من محاضرات الرجل من هنا.
المهم بدأت قراءة كتاب الرجل على استحياء كما قلت، فأنا وكنتيجة أيضا للتشتت الذي اعاني منه ما عدت اثق كثيرا في قدرتي على قراءة اي منشور مطول دع عنك كتاب كامل لكني حاولت على اي حال. بعد حوالي بضعة صفحات تحول الموضوع الى قصة أخرى. ما هذا بحق السماء؟ يا الهي انا لا اصدق. هل يمكن أن يوجد مصطلح يصف قصة حياتي بهذه الطريقة؟ هذا جنون أنا لا اصدق. يبدو أنني اتوهم واسقط الأشياء على حياتي بصورة أو أخرى. لكن المشكلة انه لدي امثلة حية لأحداث على ارض الواقع لا احتاج العودة بالذاكرة كثيرا لاسترجاع احداها، يمكنني تعداد امثلة من الاسبوع الماضي لاي نوع من الاعراض يتحدث عنها الكاتب تقريبا. كثرة النسيان للأمور الحياتية؟ من السهولة بمكان ان آتيك بخمسة امثلة لاحداث لا تحدث بالمتوسط للشخص الطبيعي: اني انسى الهدوم في الغسالة لحدي اضطر اعيد غسيلها؟ اني احرق الاكل لاني وضعته في النار بعدين جيت واصلت في الكمبيوتر؟ اني طلبت اوبر بعدين نسيت اني طلبت وعملت اكل عشان بعد شوية اتفاجأ انو في زول بدق الباب وبذكرني انو في زول هنا طلب اكل؟المهم دا مثال لواحد من الاعراض حقيقة انا ما متضايق منه شديد زي العرض الأساسي: عدم القدرة على التركيز وخصوصا في قراءة الكتب والأكواد وهو أمر جوهري في حياتي العملية كشخص يعمل في البرمجة.
بصورة عامة الكتاب كان عنده شعور شخصي عجيب. كنت بنتظر نهاية الدوام عشان اجي راجع اواصل. طبعا لمن لا يعرف: بقدر ما يعاني اصحاب الادشدة من قلة التركيز بصورة عامة، يحدث العكس تماما في الانشطة التي تستثيرهم بصورة كبيرة. عندما اقول العكس اعني ذلك بصورة حرفية معلة للحياة تماما. بمعنى انه يصبح لا شيء اخر مهم. أي نشاط آخر يجب أن ينتظر او يتم كلفتته بصورة ما للعودة الى مركز الجاذبية الحالي وهذا ما حدث لي تماما مع كتاب بيركلي. آخر كتاب قرأته من الغلاف للغلاف كان عن الانترنت قبل عشرة سنوات ربما وسبب الاثارة انه يشرح هذا الكلمة المثيرة التي يستعملها اي شخص ليعني اي شيء. اين وجدت هذا؟ في الانترنت. كيف عرفت عن الثورة؟ من الانترنت. قل لي ما هو الانترنت بحق السماء ههههه. شكراً مرة اخرى للأستاذ العظيم بيركلي الذي كان بابي لإعادة إحياء هذا النشاط الجميل لحياتي مرة أخرى كما سأوضح لاحقا.
تخيل أن تقرأ كتابا علميا جامدا نوعا ما بلا لغة معقدة، لكن تتعامل معه كالقصة الأدبية المثيرة، وليست أي قصة بل قصة حياتك انت!!! كتاب يفسر الكثير الكثير من معاناتك اليومية ويضعها في كلمات وفقرات مفهومة. يا للهول!!!! ثم تكتشف انك لست وحدك وان الكثيرين يعانون بنفس الطريقة. حقيقة تملكتني لحظات من الانهيار العاطفي في المنتصف، كنت انفجر في دوامة من البكاء ولا استطيع المواصلة الا اليوم التالي. احساس بالتفهم لم اجربه قبلا في حياتي.
طبعا بطبيعة الحالي لا اهدف الى وضع اي تلخيص عمّا ناقشه الكتاب او ما هي الفصول والأبواب فتلك معلومة على بعد ضغطة زر من هنا، ولكن فقط اريد ان اشير الى انو في نقطة ما في المنتصف كان القرار بالنسبة لي واضح جدا، انو انا مفترض ابدا افتش طبيب نفسي وابدا رحلة العلاج بجدية. بيركلي يشبه الأدشدة في أمراض المخ بمرض السكري للجسم. مرض لعين ويمكنه البطش بك بسهولة ولا علاج له من الجذور، لكن لحسن الحظ يمكنك علاج الأعراض والتعايش معه بسهولة شديدة. الفرق بين الاتنين كزول جرب يعيش تلاتة عقود بحاول يعافر من غير ما يعرف انو في طريقة تانية ما حابالغ لو قلت زي الفرق بين الموت والحياة.
بتبدأ تشوف الحياة بمنظار مختلف تماما.
طبعا تجدر الاشارة بانو يبدو انو في زمن الانسان بحتاجه بصورة ما عشان يبدا يتخذ موضوع العلاج بجدية. يبدو انو في خوف شديد وقناعات عميقة بتصعب على الزول يبدا يعترف اساسا انو عنده مشكلة زي دي او محتاج يتشخص اصلا. الكلام دا مبني على تجربتي الشخصية وتجارب اخرى شبيهة. يعني بقدر ما انت كزول مريت بالرحلة وشفتها لمن تشوف زول عندك شك كبير شديد انو عايش نفس المعاناة وتحكي ليهو، انتظر انو ياخد وقته برضو في معالجة الموضوع ولا بأس من التذكير مرة مرة كاشارات فلا تدري ايهما تأتي أكلها. المهم البوست طال نواصل مرة تانية

Wednesday, 13 March 2024

لماذا الجيتار مختلف

 البعرفني عن قرب بكون عارف اني النوع البتعجبه حاجة وبمسك فيها فترة قصيرة جدا تتراوح عادة بين عدة أسابيع لعدة شهور. خلال الفترة دي عادة افكاري كلها بتكون متمحورة حول الهواية الجديدة دي، وأي زول بلاقيه ومستعد يستمع بكون دا موضوعي الأوحد الحامعطه بيه. الأمر بنتقل برضو لعاداتي الشرائية، البيت بتملي بأدوات الهواية الجديدة الضروري منها والثانوي، الحاستعمله بصورة دايمة والحاستمتع بيهو ليومين واجدعه. طبعا خلال الفترة دي بكون عملت خطة طويلة الأمد غالبا نهايتها لحدي أموت أو افقد القدرة الجسدية على ممارسة الهواية، دي نفسها مرات بتكون الخطة اني ابقى مدرب في المجال داك لمن يغلبني اسويه بيدي ههههه. بتكون حرفيا عايش في عالم الهواية وما شايف غيرها أساسا ومخك بتسائل بجدية بالله البشر ديل بلعبوا لعبات تانية أساسا لييه ما دام تنس الطاولة دي ممتعة للدرجة دي هههه.
الحاجة الوحيدة الصمدت معاي، ولا أرى اي سبب لانها ما تصمد للأبد هي رحلة تعلم الجيتار وهنا حأحاول أوضح الأسباب الأنا واعي بيها من وجهة نظري على الأقل.
أول سبب كان بمثل لي دافع يومي هو الانتصارات الصغيرة. رحلة تعلم أي هواية جديدة ممكن نعاين ليهو كأبواب كل ما تمشي لقدام بتدخلك عوالم جديدة من المتعة. يعني مثلا تنس الطاولة ممكن نقول أول باب هو كيف ترجع الكورة للخصم، الباب البعده كيف تعمل ضربات قوية. كل باب بفتح ليك عالم جديد من الطرق المختلفة للاستمتاع. وكل باب عنده تمن مفروض تدفعه يا اما زمن ممارسة يا اما قراية اكتر، احتكاك بالخبراء، تفكير في طرق تعلم جديدة، الخ. يلا بالنسبة لي البخلي الهواية جميلة هو تعدد الأبواب وقلة ثمن فتح الأبواب الجديدة.
بمعنى انو عشان تمشي من المستوى للمستوى البعده بتحتاج مجهود قدر شنو. ما فرق انو المستوى القادم هو قدر شنو بالنسبة للمحترفين بقدر ما مهم انك قادر تشوف الفرق. يعني هو ترجمة حرفية خلينا نقول لمقارنة نفسك امس مع نفسك الليلة.
يلا في هذا المضمار رحلة تعلم الجيتار متميزة بانو بتقدر تشوف الفروقات الصغيرة دي بوضوح غريب. طبعا يمكن انا بس ما عندي نفس القدرة في باقي المهارات ويكون فعلا الفروقات ما قفزات وهو الأرجح في رايي، لكن دا ما بفرق في موضوع نقاشنا.
رحلة تعلم الجيتار مليئة بالانتصارات الصغيرة بطريقة بتضفي المرح على حياتك كل يوم. يعني أول يوم يداب بتبدا ما قادر أساسا تتخيل كيف تقدر تنسق بين يدك الشمال واليمين وكيف أساساً تضغط على المكان الصح، بعد شوية بتكتشف واو الموضوع دا بالله بالسهولة دي يا سلام. تبدا رحلة تعلم الكوردات، ويبدا الزهج لكن بكون في ضو كدا خافت في آخر النقق بهمس ليك: يا النور ملاحظ الكورد دا انضف حببببة من حق أمس فكدا اديهو فرصة شوية يمكن يزبط، تبدا الكوردات الأساسية تنضف وتبدا تعيد الجمل الكنت اتعلمتها سابقا عشان تكتشف انك ما كنت بتقدر تعملها وانت غاشي نفسك ساي وهكذا. ممكن اواصل واكتب الرحلة دي خطوة خطوة لكن أظني قدرت أوصل الفكرة الأساسية. الموضوع كله عن الإنتصارات الصغيرة، عن مراقبة نفسك كالطفل اليافع وهو يتعلم الكلام كلمة كلمة ثم يبدأ في تركيب الجمل ويرتكب الكثير من الأخطاء المضحكة، وتبدأ مع الأيام الجمل مكتملة المعاني تظهر رويدا رويدا لكن في سياق قصة لا علاقة لأولها بآخرها وهكذا.
حقيقة بديت رحلة تعلم الجيتار لأسباب مختلفة وحاليا مواصل لنفس الأسباب لكن العامل الجديد حقيقة بقى هو الفيصل في التعلم. لمن اخلص يومي ولا آخد بريك في نص اليوم بكون متحمس اشوف الحاجة الكنت بحاول اتعلمها أمس حصل فيها شنو وممكن اعمل شنو عشان اوديها وين. مشاكلي شنو؟ لمن احضر درس ولا اشوف تمرين بحاول اعاين طيب اسي التمرين دا ممكن نحسنه كيف عشان يساعدني في تحقيق اهدافي الشخصية (زي انو اعمل غنية معينة مثلا) وشنو الما ضروري وممكن اجدعه؟ قرايتي لنظرية الموسيقى برضو بنطبق عليها نفس النمط تماما. حاولت اقرا الكتاب من الغلاف للغلاف لكن اكتشفت لاحقا انها ما اكتر طريقة فعالة فبقيت بشوف المواضيع الأساسية وكل ما اصطك في حتة برجع عشان افهمها اكتر وامشي اناقشها مع اصحابي المهتمين بالموضوع وهكذا. تجدر الاشارة لانو حقيقة من نعم الحياة انو يكون عندك اصحاب "مكنات تفكير". كل ما تجي تناقش معاهم حاجة يساعدوك تفهمها اكتر ويدوك جوانب جديدة ما كنت مفكر فيها، والأهم لمن تكون فاهم الاشياء بصورة خاطئة بكون في زول بقول ليك لا ما كدا الموضوع على ما يبدو وتبدا ترجع خطوة لورا وتفهم الاشياء بعمق اكتر وهكذا. المهم انا فترت حاقيف هنا ههه.



Monday, 11 March 2024

لماذا أحب البلوز

 انا بحب الحرية والقدرة على التحكم وبكره اتباع التعليمات الدقيقة. افتكر جزء من الكراهية كان نابع من عدم القدرة على اتباع الخطوات اللازمة لتعلم الأشياء كما قال الكتاب. ما قاصد الطريقة بتاعة ال humble bragging
بتاعة والله نحن ما بنعرف للأشياء التقليدية لأننا ناس مبدعين هههه، وانما بقصد عديل كدا حاولت وغلبني، ما عندي صبر امشي اتعلم شيتات الموسيقى واتعلم الاغاني غنية غنية وكيف مركبة والكوردات كورد كورد وكيف بجوا مع بعض مع كامل يقيني بأهمية الحاجة واستمرار محاولاتي من حين لآخر كل ما يكون عندي طاقة، يلا موسيقى البلوز لمت بعض الميزات خلتها مثالية لمن يعاني من مثل مشاكلي زي
١. النظرية بتاعتهم بسيطة شديد، السلم خمسة نوتات واغلب الاغاني بتحوم حول كوردات بسيطة سهلة التعلم. ما محتاج تخش مدرسة موسيقى ولا تقرا الف كتاب عن نظرية الموسيقى ولا تمشي لأستاذ يكلفك مصاريف. شوية دروس يوتيوب على شوية مقالات كدا وبتاخد الجزء الأساسي.
٢. مافي فنانين بغنوا نفس الغنية بنفس الطريقة، اي زول بديها لمسته، طبعا اللمسة قد تكون نابعة من اتقان شديد للنسخة الأصلية ومن ثم حذف وتعديل واعي لكن ما بالضرورة الموضوع دا يحصل كدا. ممكن تحصل أخطاء بس ما مقصودة وتجيب نتيجة سمحة شديد، وممكن الزول يغلبه عديل يحاكي الغنية زي الشافع لمن يردد خلفك الكلام لكن بيطلع أحلى بمراحل، وممكن يكون زول أصلا ما عنده قدرة عالية على رؤية التفاصيل فيملاها بصورة لا واعية بطرق مختلفة. دا كله غير البشيل الصورة العامة وهو قاصد ويضيف لمسته الخاصة بعد داك.
٣. الأغاني مليئة بالسولوهات ومافي اهتمام شديد بالكلمات، حقيقة أنا من الله خلقني ما شغال بالكلمات شديد في الأغاني بقدر استمتاعي باللحن والموسيقى. نعم الحاجة دي ربما بتنقص المتعة في اغاني كتيرة، حسب رسالة الغنية - لو قلنا انو عندها رسالة - محمولة أكتر وين. أغاني البوب دي أغلبها مثلا من ناحية ألحان هي أناشيد ساي فالكلمات مهمة فيها واظن عشان تستمتع بيها محتاج تفهم الكلمات بعمق وتركز معاها ربما عشان كدا اصلا ما بحبها. الكلام دا لا يعني اني ما بحب الشعر والكلام المقفى بالمناسبة لكن بس ما بشوف الموسيقى الرتيبة بتضيف للكلام الجميل الكتير فلو كلامك لطيف ممكن اقراه نصا.
عموما اي فنان ما بدي الآلات مساحة واسعة للتحرك ما بستهويني شديد لفترة طويلة. ما بالضرورة المساحات دي تكون زمن كتير في الغنية لكن يكون في جمل لحنية فريدة غير متكررة. أكتر فنان بحبه مارك نوفلر عنده قدر كبير من الأغاني الخفيفة من ناحية زمن وسعة الألحان لكنها فريدة وجميلة وغير رتيبة على الإطلاق.
يلا ناس البلوز كلماتهم عبارة عن بلاغات الزنق السوداني زط. اي كلام خارم بارم عند اغلب البلوز القديمة لكن اللحن وجوابات الجيتار عالم تاني.بالمقابل السولوهات متروكة تماما لاحساس الفنان بس بشرط التحرك ضمن قواعد بسيطة ما مقيدة شديد وزاتو هو لو حريف شديد ممكن يمرق منها. الموضوع قد يبدو بسيط وسهل لكن يبدو في بعد ما مخفي لانو واضح انو في فروقات جوهرية بين عباقرة البلوز. يعني شبه بتقدر تقول انو فلان وفلان وفلان ديل قاعدين في مكان فووووق كدا بعدهم طوالي فلان وفلان وهكذا. الفرق دا ما بنعرف نقبضه فبنسميه الروح ولا الاحساس ولا الرسالة ... الخ.
المهم لو بتحب تمشي حفلات كل حفلة بكون احساسها مختلف وفي توقع للعبات جديدة وافكار مختلفة. برضو انت كزول عايز يتعلم ما محتاج تحفظ كتير. الحفظ دا اكتر حاجة غياظة في الدنيا دي والواحد حقيقة حزين على ضياع جزء كبير من طفولته وهو بحفظ كمية من الكلام الفارغ كان ممكن يقضيها في تعلم مهارات تانية لكن الله غالب ههههه.


Sunday, 3 March 2024

من محاولة التنظيم إلى حب الفوضى

 عشت قدر كبير من حياتي بحاول اكون زول منظم، بزول منظم بقصد التنظيم الكلاسيكي بتاع انو دولابك يكون معمول بالمسطرة، ما عندك هدوم مجدعة في السرير، هدومك دايما مكوية وقاعدة في حتتها، وهكذا فيما يتعلق بتنظيم الأمكنة. 

الأمر ينطبق حتى على تنظيم الكراسات والكتب أيام المدرسة، مفروض ما تشخبت في الكتاب وتوسخ الحاجات. انا كنت النوع الكتبه بتفقد اغلفتها بعد شهر من بداية العالم الدراسي بالكتير.

المهم كنت دايما بحاول أكون الزول دا، الطالب المثالي الكل حاجاته مرتبة، ولحدي عهد قريب كنت لمن اجي داخل واشوف الجوطة اكتر من إني متضايق من الجوطة بكون متضايق من فكرة إنيش لييه حاجاتي ما مرتبة بالشكل الذي يجب ان تكون عليه ودا أمر يمثل سبب ضغط نفسي لا معنى له. ما قدرت اتخلص من الحاجة دي لحدي ما بديت رحلة علاج ADHD وبديت اشوف شنو هي السلوكيات الممكن تخليك تقدر تتعامل مع النوع دا من الاعتلال العقلي (محاولة بائسة لترجمة mental disorder ). لحدي ما لقيت صاحبنا كدا طبيب نفساني ومصاب بنفس الاعتلال* بتكلم عن انو الحاجة دي قد يكون أصلها المدرسة (والبيت بطبيعة الحال). إننا بنحاول دايما نكون ممتازين في الحاجات اللي نحن كعبين فيها من غير ما نخت إعتبار لكمية المجهود المحتاجين نبذله قصاد الفايدة، ومن غير ما نسائل زاتو الفايدة شنو أساسا. طبعا في ناس فكرة التنظيم بالنسبة ليهم بديهية وأسهل ما يمكن ومركبة في نظامهم الطبيعي فما محتاجين يفكروا فيها أصلا فديل ممكن ينزلوا هنا، لو ما نزلوا لسة هههه. اذا استمروا فاتمنى انو يقدروا يتفهموا اني دي ما حاجة بالسهولة والبداهة الانتو متخيلنها لحقيقة بسيطة شديد، انو مخنا ما واحد بس 😂.

المهم نرجع لموضوعنا، التنظيم فيما أرى عنده تلاتة فوائد: انك تقدر تلقى حاجاتك بسهولة، عامل جمالي جاي من ختة الحاجات مع بعض والتماثل في الأشكال والألوان والأحجام وغيرها، وعامل تالت غبي في انو الناس يقولوا عنك يا سلاااام فلان منظم أو العكس يا للبؤس بالله شوف الجوطة دي. 

أنا شخصيا متنازل عن العامل الجمالي وبفضل الحصول عليه بطرق اخرى (الموسيقى قصرت معاكم في شنو هههه)، بينما عامل راي الناس في طريقة تنظيمك لحاجاتك دي حاجة لحظة تفكر فيها بوضوح براك بتصل لتفافهتها وانها لا تستحق عناء المجهود أصلا. هي متفهمة في حالة واحدة فقط: انو في مكان ما مشترك (سكن مثلا) وفي الحالة دي من الافضل لمن هم مثلي ان يبحثوا عن شركاء ليست لديهم مشاكل مع هذا النوع من الفوضى (في حدود المعقول طبعا)، او ضيف ح يجيك في مواعيد محددة سلفا فدا ربما من التأدب انو تنظم ليهو المكان الح يكون موجود فيهو (في حدود المعقول أيضا)، اذا ضيف ح يجي راندوم فدا يا اما يتقبل 

الوضع ال ح يجي فيهو يا إما ….

المهم نركز على الهدف الأساسي: تسهيل البحث. يعني ببساطة لمن تكون عايز تلبس قميص معين مثلا تقدر تعرف مكانه بسرعة وهكذا. عشان نحقق الهدف دا لحسن الحظ ما بنحتاج لقدر الكبير من الترتيب والتماثل خاصة اذا قررنا أن ندفع ثمنا بسيطا في زيادة وقت البحث. لا أظن ان العالم سيتأثر اذا وجدت قميصك بعد ٥ دقائق بدلا عن ثلاثة ثواني. فقط سدد وقارب. قواعد بسيطة هنا وهناك زي انو مثلا درج كبير لكل الأدوات الكهربية، مكان موحد للصوتيات، درج للأدوية وهكذا. فهنا المشكلة بتتحول من تنظيم وترتيب مطلق لتنظيم يخدم الغرض. 

كزول مصاب بال ADHD برضو ما من السهولة الالتزام حتى بالقواعد البسيطة دي، فمهم جدا التسامح مع نفسك واعطائها حرية كسر القواعد من وقت لآخر حتى تصل الفوضى حد لا يمكنك التعايش معه (بتعريفك الخاص) فتقوم باعادة تطبيق القواعد وهكذا. خلينا نسميها "هيجات التنظيم". مع الزمن ح تبدا تكتشف طرق مختصرة تسهل عليك تضمين القواعد في روتينك اليومي. مثلا تحويل الأدوية الى درج مفتوح ومتاح يجعل من السهولة اعادتها الى مكانها مباشرة بعد الاستعمال بدلا عن وضعها كيفما يتفق . 

مما ساعدني في هذا النظر إلى الفوضى على أنها دليل حياة وإنك بتستعمل الحاجات فعلا مش جايبها منظر. الكتاب المجدوع في نص السرير يعني إنك قريت منه جزء، المفك على طاولة المكتب إشارة على إنك بتصلح أجهزتك بنفسك، الأقلام الموزعة في كل مكان دليل على نشاط مخك في محاولة إيجاد حل للمعضلة التي تواجهها في العمل وهكذا. الوعي بالجزء دا من الفوضى بخليك متسامح مع الحالة المؤقتة من الفوضى والتي ستتحول الى "تنظيم فعال" متى ما زادت عن حدها. الحياة هي موجات ما بين النظام الكامل والفوضى المزعجة والحكمة هي حفظ المكان في نقطة ما في المنتصف مريحة بالنسبة لك لأقصى مدة من الزمن ومع أقل قدر من المجهود. 

Wednesday, 28 February 2024

عن الحب والموضوعية

مرة بتونس مع صحبي عن كيف بنشوف آبائنا فقال لي انو حقيقة صعب ما اشوف والديني أحسن ناس في الدنيا. وافقته بإيماءة خفيفة واتجاوزت الموضوع لانو كان المقام ما كان مناسب للاستفاضة لكن حاحاول اشرح باختصار هنا.
أنا بشوف انو الانسان بعد عمر معين مفترض يكون عنده القدرة على الفصل بين الحب والتقييم الموضوعي للأشخاص حتى وإن كانوا أقرب الأقربين. بالنسبة لي ما حصلت لي صدمة في الحياة أكتر من وفاة أبوي، والحب البحبه لأمي لو وزع على أهل الأرض لكفاهم، لكن بالرغم من ذلك بقدر بوضوح (ودي حاجة اتعملتها كبير) اخت مواقفهم في الحياة بصورة موضوعية على الأقل بالنسبة لي. صحيح ممكن أكون غلطان، وممكن اكتشف انو ربما تقديراتهم في القضية موضوع الخلاف دا كانت صحيحة بعد زمن، وممكن اقعد اقول انو دايما هم بعملوا الأحسن في ظروفهم وتقديراتهم لأنهم ملائكة طبعا ما بشر لكن دا لا يغير شيئا من انهم بعملوا حاجات غلط حيال أبنائهم بدون وجود دوافع عليا. لو داير تبرر التبرير ساهل طبعا لكن بس الحب لا يقتضي التبرير وعادي ممكن
تجمع بين الاتنين.
ما عارف لييه الحقيقة البسيطة دي بتغيب عننا انو الآباء ديل بشر عندهم كل تحيزات البشر المعروفة وعادي جدا يتخذوا قرارات خطأ، ما عشان دا كان الأحسن في نظرتهم ولا شي، وإنما عشان تحيز معين (قد يكون أناني جدا) ممكن يكونوا واعين بيهو أو لا. قصدي في افتراض انو كل قراراتهم هي عشان مصلحة الأبناء، وهو افتراض موضوعي في ٩٩٪؜ من الحالات غالبا. الحالات كلمة مقصودة في هذا السياق يعني ٩٩٪؜ في الحالات ما ٩٩٪؜ من الآباء .لانو لو ما واضح انا داير اقول انو كل الآباء عندهم ال ١٪؜ دي بما فيهم أبوك انت البتقرا كلامي دا. طبعا غني عن الشرح انو أنا ما قاصد أي رقم دقيق بقدر ما انو بس الاغلب انهم بغلبوا مصلحة أبنائهم بصورة كبيرة شديد لكن ما درجة الكمال. للمرة التانية انا بتكلم عن الدوافع ما النتائج. ايوا غالبا في قرارات ابوك اتخذها عشان حسابات تانية ولمن تعاين ليها من مصلحة الأبناء بتلقى نفسك متضرر.
عشان نسهل الموضوع عاطفيا فكر فيها من منظورك انت كأب، عادي مثلا ممكن تفضل انك تشتغل اكتر عشان تجيب قروش زيادة مقابل انك تقعد وقت أكتر مع أولادك، وتحنك نفسك انك بتعمل كدا عشان تأمن مستقبلهم، لكن في أعماقك انت داير القروش الزيادة لروحك دي والعندك دا كان بأمن مستقبلهم وربما أحسن ليهم انك تقضي معاهم الوقت دا.
المشكلة صعب جدا جدا انك تنتقد الآباء من غير ما يبدو عليك انك زول قليل أدب أو غير ممتن أو ما بتحبهم كفاية أو أنت الموضوع بس عندك عامل كدا وغيرها من أسباب ال "الإبتزاز المعرفي" خلينا نقول. أنا بكره جدا أخت نفسي في موقف دفاعي زي دا فعشان كدا زي الحوار الفوق دا بس الزول بتجاوز الموضوع وخلاص. مزعج جدا فكرة انك عشان تنتقد موقف لا يغير من حبك تجاهم ولا امتنانك العميق ناحيتهم انك محتاج تقول معلقة عن كيف انهم أقرب الناس إليك حتى بعد داك تدلف للموضوع وبعد دا قد لا تنجو. وطبعا لو اتجرأت وقلت أنا شايف الحاجة دي عامة عند كل الآباء خلاص أنت ارتكبت كبيرة الكبائر وبس بتحاول تعمم حالتك الخاصة ومن السهل رميك بعدد واحد "ديل أهلك بس شكلهم العاملين كدا" هههه. يذكرني هذا بالنكتة السخيفة عن التطور لمن الولد يقول لأمه انو ابوي قال نحن أبناء عمومة القرود فترد الأم ديل أهل أبوك الكدا ههه. تحويل الأمر لنكتة لا يغير من حقيقة أن أهلها أيضا أبناء عمومة القرود إذا عدنا للوراء كثيرا.
لكن فعلا ربما من التأدب إنك ما تهبش مكامن الناس لانو الموضوع غالبا ما ح يقيف هنا وربما أحسن ليهم بس يواصلوا بالنظرة الطفولية الملائكية دي.

Sunday, 25 February 2024

عن الإحباط في التعبير

 شاهدت مع أصحابي لقاء لمغني الراب السوداني دافنشي كان يردد نفس الفكرة باستمرار وهي فكرة بسيطة كلنا بنكون متخيلين اننا فاهمنها تماما: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها. فكرة في غاية البساطة والسهولة وكلنا بنكون بنرددها ونحن متصورين اننا فاهمين معناها منذ الصغر فلماذا يصر دافنشي على هذا التكرار الممل في التعبير؟
حسب دافنشي نفسه فهو توصل لليقين الكامل لهذا المعنى بعد تجربة مؤلمة مع الإكتئاب السريري. تجربة أضفت على هذا المعني الذي يفترض انه بسيط ومعروف عمقا جديدا لابد أن دافنشي يحاول جاهدا ايصاله لنا ولكنه لا يجد حيلة سوى تكرار نفس الجملة ونفس الكلمات "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها". المستمع قد يشعر بالملل وله كامل الحق في ذلك فالتكرار لا يبدو وسيلة ناجعة لنقل هذا العمق الجديد بعد التجربة. الصوفية لهم تعبير شائع في هذا المضمار هو العرفان. اليقين الذي تصل له بعد تجربة روحية هو العرفان بالله ولذا تجدهم يقولون العارف بالله وهو فرق نوعي كبير عن العالم بالله. يمكننا تخيل أن الفهم طبقات والعرفان هو أعلى ما يمكن الوصول إليه. هذا الاحباط ربما يمثل نقصا جوهريا في قدراتنا البشرية على نقل أحاسيسنا للغير وربما يمكن تجاوزه بصورة ما لا ندري ولكن كل ما نستطيع فعله إلى حين اكتشاف لغة أفضل هو المحاولة والتكرار والتعلم وبطبيعة الحال الفنون ولكن للأسف هناك حاجز تقني كبير يقف حيال تمكن فئة واسعة من استعمال لغة الفن كلغة تعبيرية شائعة. لكي تتمكن من شرح أحاسيسك عن طريق الرسم مثلا لابد لك من تعلم أساسيات الرسم أولا وبطبيعة الحال ينطبق هذا على الكتابة والشعر والنثر والموسيقى وغيرها. في حقيقة الأمر اعتقد أن هذا الحاجز يمكن تجاوزه بجعل الفنون جزء أساسي من منهج التعليم كما الكتابة تماما ولكن هذا أمر له تعقيداته المنفصلة والتي لا اعرف عنها الكثير على أية حال.
سأحاول هنا أن انقل مثالا بسيطا ربما يساعد نوعا ما في تقريب الفكرة للأذهان. الايقاع في الموسيقى عندما تندمج تماما مع الأغنية وتبدا الرقص من الأعماق يمكننا استعمال التعبير "الإيقاع يحركني" كبديل ل "أنا أتحرك مع الإيقاع". المشكلة هنا هي وجود ما يسمى ب "صيغة المبالغة". سيدعي الجميع أنهم يفهمونك باعتبار أنك وصلت درجة من الإندماج مع الإيقاع حتى بدأ يخيل إليك "أنه هو الذي يحركك" ولست أنت من تتحرك معه. لكن في حقيقة الأمر أنت تعني ذلك حرفيا. الايقاع هو الذي يحركني - نعم أنا لا اتحرك بإرادتي متابعا له. أنا مسلم نفسي تماما للايقاع هو الذي يوجه اطرافي وليس مخي ولا أي جزء واعي مني. ربما الأمر أشبه بظاهرة الدي جا فو. ربما أن الإشارة تصل متأخرة للجزء الواعي من مخك بطريقة ما - لا أدري ما الطريقة التي أوصلتك لهذه الحالة ولكن كل ما أعنيه أنه ليس لديك أي أثر أنت واع به على تحريك جسمك مع الإيقاع.

 هذا هو ال

 groove

الذي يعنيه فكتور وتن في كتابه عن الموسيقي

 (the music lesson ).

 وهذا هو جوهر الموسيقى ربما: الإنغماس في الإيقاع حتى لا تدري ما حولك. هي نفس فكرة الخشوع في الصلاة أو التلاوة. تدخل في حالة من الإبتهال والتعمق حتى تكاد تفقد الإحساس بما حولك أو تتحد مع ما حولك لا فرق. المهم أتمنى أني قد تمكنت بصورة ما عن إيصال إحباط صاحبنا هذا عندما يحاول أن يشرح الفكرة للغير فيلجأ لتكرار التعابير والعودة للوراء ومحاولة إجابة الأسئلة بصورة مختلفة ... الخ.

Friday, 23 February 2024

شيبة على الشنب

 اثناء ما بسمع اغنية قديمة على اليوتيوب تحث على المقاومة بعبارة "سأعيش" علق احدهم انه يقاوم السرطان اللعين ولديه احساس قوي بانه سيعيش ويحيا ويقاوم، على الجانب الآخر هنا يتملكني الاحساس العكسي تماما، نعم سأعيش لكن هذا لا يعني بالضرورة اني سأواصل الحياة هنا على هذا الشكل البيولوجي الذي يأكل الطعام ويمشي في الأسواق. مرت بي الخواطر دي وانا بشوف في المراية أول شيبة ظهرت على شنبي، وحسيت بيها كخطوة في الدرب المشاه ابوي زي ما شايف في الصورة انتقل من العيش هنا
وشنبه مكتسي بالبياض.
ابوي ما شاف فيني الشيبة دي بطبيعة الحال، لكن لابد انو عاش نفس الاحساس دا لمن ظهرت عنده اول شيبة، هل يا ترى كان متصور انو ح يكون عنده ابن ما يعيش على بعد آلاف الأميال ويواصل رحلة الحياة الفيزيولوجية لعشرات السنوات بعد تخطيه لهذه المرحلة؟ صورته في ذهني هي صورة هذا الكهل المكتسي شعر رأسه بالسواد مع بعض الزخارف البيضاء، بينما شعر وجهه يغلب عليه اللون الأبيض الكامل. بينما آخر لقطة حية لي  التقطتها عيونه هي صورة هذا الشاب في اواخر العشرينات المقبل على الحياة والمولع باكتشاف ما يخفيه المجهول في بلد غريب على كامل شجرتنا.


لا يعني هذا بالضرورة اني حانتظر لحدي ما يكتمل شنبي بياضا للحاق به، ولا يعني العكس ايضا ولكنه بلا شك خطوة في إتحاد الإبن مع أبيه مرة اخرى، ربما مرة واحدة إلى الأبد من يدري لا اعرف شخصا ما ذهب الى هناك وأخبرنا. لكن بنقدر نتنسم بعض الاحاسيس من مشاعرنا تجاه الاشياء غير الحية، كانها بتهمس لينا بانو نحن جزء واحد، ننتمي لنفس هذا العالم، كنا فيها وسنعود لها يوما ما. في الحقيقة حتى هذه العبارة لا تبدو بهذه الدقة، كنا فيها ونحن فيها الآن وسنظل فيها للأبد.
أبي لم يولد، ولم يمت، وأنا كذلك فلم المقاومة؟
Yes I will survive but not because I am strong or I can or whatever, I will survive by definition because even death is some sort of survival, or actually survival has no meaning let’s say
عبارة لا معنى لها، تحصيل حاصل

 

.