المصطلح هو تعريب تصريفي جميل لمصطلح "اضطراب فرط الحركة وقلة التركيز الشهير بال
ADHD
سمعت
هذا التصريف من أحد الأصدقاء مؤخرا واعجبني فسأتبناه للتعببر عن هذا
المعنى من الآن فصاعدا. وبالمناسبة هي صديقة ولكني استعملت كلمة صديق هنا
قصدا في محاولة لمقاومة إجبار العربية على التصريح بجنس الصديق. يبدو أن
هذا اختلافا حوهريا بين لغات البشر تعبر عنه المقولة الشهيرة
Languages differ essentially in what they must convey and not in what they may convey
والتي طالبت السيد جات جي بي تي بترجمتها بطريقة أدبية فلم يفشل في ابهاري كعادته:
"تتباين
اللغات في جوهر ما يتوجب عليها بثّه، لا في فسحة ما قد تحمله من معانٍ.".
لابد أن اسجل اعجابي الخاص بالشدة في "بثه" والتصريف آخر الجملة.
لحظة هذا المقال كان يجب أن يكون عن رحلتي العلاجية فما العلاقة؟ تبا ههههه لكن لا بأس دعني أواصل فنحن لا نكتب في
تقرير رسمي على أية حال.
أول فكرة خطرت بذهني عن بداية الرحلة هي قراءة كتاب جميل جدا ساحكي عنه بالتفصيل لاحقا بعنوان
Taking charge of your adult ADHD by Russell Barkley
الكتاب
عظيم بكل ما تعنى الكلمة من معنى والكاتب من الآباء الروحيين للمجال ممن
قضوا حياتهم تنقيبا وبحثا ونشرا للتوعية بكل ما تحمل الكلمة من معنى. لكن
في حقيقة الأمر لا أعتقد ان البداية الحقيقية كانت من هنا. هذه ربما كانت
اقوى نقطة بداية يمكن للمرء أن ينذكرها ويربطها بما توصل اليه حاليا ولكن
هناك الكثير والكثير من الإشارات التي حدثت هنا وهناك قبل ذلك. مثلا صديق
مشخص رسميا بالمرض ظل كثيرا ما يحدثني عن معاناته مع الأعراض وكيف أن
الأدشدة علة حقيقية معطلة للحياة. تكاد تكون كل ردودي له ما هي المشكلة هنا
أنا لا افهم؟ هذا أمر عادي واعتقد أنه عند البشر. كلنا بنعمل كدا ياخي. اي
صح لكن دي ما حاسي بيها حاجة غريبة. اقول هذا ليس بالطريقة المايعة التي
يستعملها اغلبنا في سياق المصلحات غير المضبوطة. على سبيل المثال: أنا ما
بقدر اركز في الشغل فترة طويلة. تكاد تكون اجابات كل البشر على الإطلاق على
سؤال كذا بنعم. كلنا ما بنركز لكن بس بنحتاج شوية عصرة والأمور بتمشي. لكن
هو سؤال كمي أكثر منه نوعي. لأي درجة ما بتقدر تركز؟ كم فكرة مختلفة بتنط
في راسك بين كل سطرين بتقراهم في الكود وقدر ما تحاول تمنعهم برجعوا تاني
وتالت غصبا عنك؟ كم ساعة في اليوم وكم يوم في الاسبوع. في طبيب نفسي تاني
كاتب كتاب جميل في نفس الموضوع* عنده تشبيه جميل هنا: الأدشدة زي ضعف النظر
والعلاج زي النظارات. ممكن نسقط فكرتنا على المثال هنا باننا نقول اغلب
البشر ما بقدروا يقروا الكتب الخطها صغير شديد او بتعبوا لمن يحاولوا
يعملوا كدا، لكن صاحبنا دا مشكلته في قراية الكتب العادية الساهلة المريحة
للعين. المهم يبدو ان مشيت تاني في اتجاه غير الكنت ناوي اتكلم عنه وهو
قصتي الشخصية في العلاج ويا لسخرية القدر هو أمر جوهري في تعريف الأدشدة
ههههه فحاول اقول فكرة على الاقل قبل ما افتر وانهي البوست ههههه.
بديت
كتاب بيركلي على استحياء بعد حضور عدد لا بأس به من محاضرات الرجل على
اليوتيوب وهي محاضرات شيقة وجميلة جدا، وبهذه المناسبة الأدشدة من المناطق
التي يمكن ربطها بقدر كبير من الكلام الفارغ وخرافات أهل التنمية البشرية
والمتحدثين التحفييزين واهل الخطابة بلا خطاب، فعليه من يرغب بالتعمق في
الموضوع يجب عليه توخي الحذر ممن يأخذ معلوماته. في هذا المضمار لا يفوتني
الاشارة إلى أن بيركلي رجل مرجعية وباحث ضليع يمكنك ان تبدأ معه بثقة.
يمكنك مشاهدة بعض من محاضرات الرجل من هنا.
المهم بدأت قراءة كتاب الرجل
على استحياء كما قلت، فأنا وكنتيجة أيضا للتشتت الذي اعاني منه ما عدت اثق
كثيرا في قدرتي على قراءة اي منشور مطول دع عنك كتاب كامل لكني حاولت على
اي حال. بعد حوالي بضعة صفحات تحول الموضوع الى قصة أخرى. ما هذا بحق
السماء؟ يا الهي انا لا اصدق. هل يمكن أن يوجد مصطلح يصف قصة حياتي بهذه
الطريقة؟ هذا جنون أنا لا اصدق. يبدو أنني اتوهم واسقط الأشياء على حياتي
بصورة أو أخرى. لكن المشكلة انه لدي امثلة حية لأحداث على ارض الواقع لا
احتاج العودة بالذاكرة كثيرا لاسترجاع احداها، يمكنني تعداد امثلة من
الاسبوع الماضي لاي نوع من الاعراض يتحدث عنها الكاتب تقريبا. كثرة النسيان
للأمور الحياتية؟ من السهولة بمكان ان آتيك بخمسة امثلة لاحداث لا تحدث
بالمتوسط للشخص الطبيعي: اني انسى الهدوم في الغسالة لحدي اضطر اعيد
غسيلها؟ اني احرق الاكل لاني وضعته في النار بعدين جيت واصلت في الكمبيوتر؟
اني طلبت اوبر بعدين نسيت اني طلبت وعملت اكل عشان بعد شوية اتفاجأ انو في
زول بدق الباب وبذكرني انو في زول هنا طلب اكل؟المهم دا مثال لواحد من
الاعراض حقيقة انا ما متضايق منه شديد زي العرض الأساسي: عدم القدرة على
التركيز وخصوصا في قراءة الكتب والأكواد وهو أمر جوهري في حياتي العملية
كشخص يعمل في البرمجة.
بصورة عامة الكتاب كان عنده شعور شخصي عجيب. كنت
بنتظر نهاية الدوام عشان اجي راجع اواصل. طبعا لمن لا يعرف: بقدر ما يعاني
اصحاب الادشدة من قلة التركيز بصورة عامة، يحدث العكس تماما في الانشطة
التي تستثيرهم بصورة كبيرة. عندما اقول العكس اعني ذلك بصورة حرفية معلة
للحياة تماما. بمعنى انه يصبح لا شيء اخر مهم. أي نشاط آخر يجب أن ينتظر او
يتم كلفتته بصورة ما للعودة الى مركز الجاذبية الحالي وهذا ما حدث لي
تماما مع كتاب بيركلي. آخر كتاب قرأته من الغلاف للغلاف كان عن الانترنت
قبل عشرة سنوات ربما وسبب الاثارة انه يشرح هذا الكلمة المثيرة التي
يستعملها اي شخص ليعني اي شيء. اين وجدت هذا؟ في الانترنت. كيف عرفت عن
الثورة؟ من الانترنت. قل لي ما هو الانترنت بحق السماء ههههه. شكراً مرة
اخرى للأستاذ العظيم بيركلي الذي كان بابي لإعادة إحياء هذا النشاط الجميل
لحياتي مرة أخرى كما سأوضح لاحقا.
تخيل أن تقرأ كتابا علميا جامدا نوعا
ما بلا لغة معقدة، لكن تتعامل معه كالقصة الأدبية المثيرة، وليست أي قصة بل
قصة حياتك انت!!! كتاب يفسر الكثير الكثير من معاناتك اليومية ويضعها في
كلمات وفقرات مفهومة. يا للهول!!!! ثم تكتشف انك لست وحدك وان الكثيرين
يعانون بنفس الطريقة. حقيقة تملكتني لحظات من الانهيار العاطفي في المنتصف،
كنت انفجر في دوامة من البكاء ولا استطيع المواصلة الا اليوم التالي.
احساس بالتفهم لم اجربه قبلا في حياتي.
طبعا بطبيعة الحالي لا اهدف الى
وضع اي تلخيص عمّا ناقشه الكتاب او ما هي الفصول والأبواب فتلك معلومة على
بعد ضغطة زر من هنا، ولكن فقط اريد ان اشير الى انو في نقطة ما في المنتصف
كان القرار بالنسبة لي واضح جدا، انو انا مفترض ابدا افتش طبيب نفسي وابدا
رحلة العلاج بجدية. بيركلي يشبه الأدشدة في أمراض المخ بمرض السكري
للجسم. مرض لعين ويمكنه البطش بك بسهولة ولا علاج له من الجذور، لكن لحسن
الحظ يمكنك علاج الأعراض والتعايش معه بسهولة شديدة. الفرق بين الاتنين
كزول جرب يعيش تلاتة عقود بحاول يعافر من غير ما يعرف انو في طريقة تانية
ما حابالغ لو قلت زي الفرق بين الموت والحياة.
بتبدأ تشوف الحياة بمنظار مختلف تماما.
طبعا
تجدر الاشارة بانو يبدو انو في زمن الانسان بحتاجه بصورة ما عشان يبدا
يتخذ موضوع العلاج بجدية. يبدو انو في خوف شديد وقناعات عميقة بتصعب على
الزول يبدا يعترف اساسا انو عنده مشكلة زي دي او محتاج يتشخص اصلا. الكلام
دا مبني على تجربتي الشخصية وتجارب اخرى شبيهة. يعني بقدر ما انت كزول مريت
بالرحلة وشفتها لمن تشوف زول عندك شك كبير شديد انو عايش نفس المعاناة
وتحكي ليهو، انتظر انو ياخد وقته برضو في معالجة الموضوع ولا بأس من
التذكير مرة مرة كاشارات فلا تدري ايهما تأتي أكلها. المهم البوست طال
نواصل مرة تانية